إنتهت الحرب الإسرائيلية العسكرية على غزة في الثامن عشر من الشهر الحالي، فيما مشاهد الدمارالمخيفة التي خلفتها هذه الحرب بدأت تظهربشكل كبير.فعدد الضحايا والجرحى في إرتفاع يوماً بعد يوم.،ومن لم يمت مصاباً بالرصاص وشظايا الصواريخ والقذائف قضى تحت الأنقاض.
معانات قطاع غزة مع الإحتلال قديمة،فهي ككل المدن الفلسطنية إحتلتها إسرائيل.عندما أصدرت الامم المتحدة قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية عام 1947، دخلت مصر الى قطاع غزة عام 1948 لحين توقيع كل من مصر واسرائيل هدنة في شباط 1949 والتي تقضي باحتفاظ مصربقطاع غزة. وفي فترة الحملة الثلاثية على مصر سنة 1956 قامت إسرائيل باحتلال قطاع غزة والسيطرة على صحراء سيناء. وفي عام 1957 إنسحبت القوات الإسرائيلية من القطاع، لتدخله قوات الأمم المتحدة التي سلّمته فيما بعد الى السلطات المصرية. وفي عام 1967 عادت إسرائيل وإحتلت قطاع غزة ووضعته تحت إدارتها المباشرة.
بقي قطاع غزة تحت الإحتلال الإسرائيلي مدى 38 عام، لحين عقد إتفاقية السلام بين الفلسطنيين والإسرائيليين والتي تعرف بـ "إتفاقية أوسلو" عام 1993. قام حينها مشروع الدولة الفلسطنية في منطقطين منفصلتين جغرافياً وهما قطاع غزة والضفة الغربية وتطبيق الحكم الذاتي الفلسطيني عليهما و يسيطرون تدريجياً على المناطق المسكونة من قطاع غزة بعد سحب إسرائيل مستوطناتها من داخل القطاع.
تحكمت إسرائيل بتنقل الفلسطنيين بين قطاع غزة والضفة الغربية وحرمتهم من أبسط حقوقهم وهو الحق في التنقل حيث لا يمكنهم الخروج منها والدخول إليها إلا من خلال ستة معابر تخضع لسلطة الإحتلال. وهناك معبر واحد يعرف بـ " معبر رفح" يقع على حدود قطاع غزة وغير خاضع لسلطة إسرائيل ويشكل متنفس غزة الوحيد على العالم العربي.
في تشرين الثاني 2006 جرت الإنتخابات التشريعية الفلسطينية وحازت حماس على غالبية الأصوات في المجلس التشريعي الفلسطيني. وفيما بعد شهد الداخل الفلسطيني مواجهات بين حركتي فتح وحماس،إنتهت بتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة حماس. لكن حماس عادت وسيطرت على كامل القطاع، ما دفع بالرئيس الفلسطيني الى حل حكومة الوحدة الوطنية وتشكيله لحكومة طوارىء في الضفة الغربية.
وفي نهاية عام 2007 وبداية عام 2008 فرضت القوات الإسرائيلية حصاراً على قطاع غزة وإنتزعت من الشعب الفلسطيني في غزة حقهم في العيش بحرية والإستشفاء والعلم، وقطعت عن الغزاويين الكهرباء والوقود ومنعت الدول العربية المجاورة من إدخال الوقود إليها، وحرمت المرضى من الأدوية ، وقد قضى الكثير من الفلسطينيين من جراء الاشتباكات والتوغلات الإسرائيلية في القطاع.
وعلى أثر إنتهاء الهدنة بين حماس وإسرائيل في 18 كانون الأول 2008 والتي وقعتها حماس وإسرائيل عام 2007 برعاية مصرية والتي إستمرت لمدة ستة أشهر ورفض قيادة حماس لتجديدها أو تمديديها، عاودت حركة حماس إطلاق الصواريخ على جنوب إسرائيل و بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ 27 كانون الأول 2008 حرباً على قطاع غزة. بدأت إسرائيل الحرب بالقصف الجوي لجميع مقرات الشرطة الفلسطينية التابعة لحركة حماس،بحيث لم تسلم المنازل والمساجد والمشتسفيات من ضرباتها، حتى المراكز التابعة للأونروا نالت نصيبها. فقصفت المباني والمدارس التابعة لها وقضى فيها العشرات من المدنيين الفلسطنيين الذين لجأوا إليها طمعاً بالحماية والآمان.كما أحرقت مستودعات الأونروا الممتلئة بالمؤن والطعام والأدوية والمقدمة الى الشعب الفلسطيني من دولٍ مختلفة.
وإستخدمت إسرائيل خلال حربها على غزة كافة أنواع الأسلحة ومنها الأسلحة المحذّر إستعمالها دولياً.والأمر عينة كانا قد شهدناه في لبنان خلال حرب تموز2006 حيث إستخدمت الأسلحة المحذّرة دولياً ورمت في الأحراج والوديان والبساتين اللبنانية أكثر من مليون قنبلة عنقودية.
إنتهت الحرب على غزة بعدما سقط مئات القتلى و الآف الجرحى وفي معظهم إصاباتهم بالغة وقد تلازمهم الإعاقة طوال عمرهم. كما دمر عدد كبير من المنازل والمسجد و المدارس والعديد من المؤسسات الرسمية والتجارية الموجودة في القطاع. وقد قدّرت الأمم المتحدة تكاليف إعادة إعمار غزة بـملياري رولار.
"إلى أين يذهبون بعد موت أهلهم؟" (كادر)
دخلت المعلمة الى صف الخامس أساسي لتبدأ الحصة بالسؤال الآتي: " هناك حدث كبير حاصل في المنطقة حالياً ويؤثر على كل بلدان الشرق الأوسط ويراقبه العالم،هل تعلمون ما هو هذاالحدث؟
هب جميعهم مجيبن:" إنها الحرب على غزة".
ومن يعيش على أرض غزة وأين تقع؟
وأتت الإجابة من أحد الطلاب: " هي في فلسطين التي تحتلها اسرائيل، ويعيش فيها فلسطنيون".
وتابعت المعلمة أسألتها، وهل تعلمون بالتحديد ماذا يجري هناك؟
قالت إحدى الطالبات:"حرب بين إسرائيل والفلسطنين".
وكيف علمتم بها وكيف تابعتموها؟
هنا تنوعت الأجوبة وإختلفت نسبة المتابعة. فثمة من علم بها من خلال التغطية الإخبارية للوسائل الإعلامية ونشرات الأخبار.وطلاب آخرون سمعوا النقاشات والحوارات بين الأهل والزوار، فدفعهم فضولهم ليعرفوا عمّا يتحدثون وأخبرهم الأهل ماذا يحصل.وهناك قليل منهم تابعها لمرة واحدة فقط أو فضل أهلهم عدم السماح لهم بمتابعة ما يجري حتى لا يتأثروا بما يشاهدون من مظاهر عنف وقتلى وجرحى.
أما حجم المتابعة فتفاوت بين الملاحقة الآنية للأحداث أو من حين الى آخر. وقليل منهم تابعها لمرة واحدة فقط.
وأجمع جميع الطلاب على تأثرهم وخوفهم من المشاهد القاسية التي شاهدوها كمشاهد القصف وصور جثث الأطفال وسيل الدماء.
ثم وقفت المعلمة على رأي الطلاب بما يجري. فبدا جميعهم في تأثروحزن شديدين عمّا يحصل ويشاهدون، فأكثر جملة ترددت " ما هو الذنب الذي إرتكبه الأولاد حتى يموتون، بعدن أطفال". فجورج يؤلمه أن يتيتم الأولاد ويتسائل" إلى أين يذهبون بعد موت أهلهم؟ أين سينامون؟ واذا سيأكلون؟ ومن سيهتم بهم؟ "،فيما أحمد قال:" الحرب تؤدي الى الموت والإنسان لم يولد ليموت". أما منصور دعا الى عدم التفاهم من خلال الأسلحة وطالب بتحقيق السلام ونبذ لغة العنف.
وتوسع النقاش لتظهرشدة المتابعة ودقة الملاحظة.فكانت دعوات للعالم أجمع بالقيام بمظاهرات في كل البلدان لوقف إطلاق النار والمطالبة بـ "إحلال السلام" . وطالب جاد دول العالم طرد السفير الإسرائيلي عن أراضيها كما فعلت فنزويلا.وما بدا لافتاً حفظ أحدهم لعدد القتلى الذي تخطى الـ 800 وعدد الجرحى الذي تجاوز الـ 4000 في ذلك الوقت.
وفي نهاية الحصة طلبت المعلمة من الطلاب توجيه رسالة إما بالكتابة أو بالرسم الى إطفال غزة أو المعتدين للتعبير والتعليق عمّا يدور في غزة.
وبعد هذا الحوار قرر طلاب الصف توجيه رسالة الى أطفال وأولاد غزة إما من خلال كتابة رسالة أو رسمة معبرة.
من طلاب لبنان الى أطفال غزة:
كانت وزير التربية والتعليم العالي بهية الحريري حددت أول يوم في الدراسة بعد عطلة الأعياد محطة للتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني إثر الحرب الإسرائيلية على غزة. كما أطلقت حملة بعنوان " من حق أطفال غزة ولبنان أن يتعلموا وأن ينعموا بالأمن والسلام" ليعبر كل طلاب لبنان في التعليم الرسمي والخاص والمهني والتقني والجامعي من خلال جمع تبرعات رمزية 1000 ليرة لبنانبية من كل طالب.ويخصص المبلغ لإعادة إعمار المدرسة التي قصفتها إسرائيل.
مدّرسة في "الفرير- الجميزة":
إعتبرت المدّرسة في مدرسة "الفرير- الجميزة" ريتا سمعان أن " أولادنا غير منعزلين نهائياً عن أجواء الحرب، كان هناك خوف وقلق وإنقسام في بعض الأحيان في المواقف. كان الحزن سيد الموقف فبعض من كان يتابع ما يجري في غزة توّقف عن المشاهدة". ولاحظت سمعان وجود شيء يشدهم الى متابعة ما يجري " لأنهم يشعرون أنهم معنيين بهذه الأحداث".
غزة وطائر العنقاء:
بحسب الأبحاث التاريخية والكتابات القديمة تعد غزة من أقدم مدن العالم. وغزة كلمة كنعانية عربية.
ويقال أنها كلمة مشتقة من العزة أي القوة والثبات والمنعة،وقيل أنها تعني خص، وقيل أيضاً أن معناها التخزين والثروة . تبدّل اسم غزة بين الأمم التي صارعت المدينة على مر التاريخ. الكنعانيون أسموها "هزاتي"، والمصريين أسموها "غازاتو"، أما الآشوريون فأسموها "غزاتي"،واليونانيون أسموها "رازا"، فيما الإنجليز أسموها "جازا"، وقيل أن الفرس أطلقوا عليها إسم "هازاتو" والعبرانيون إسم "غزة" .أما العرب فأسموها " غزة هاشم" نسبةً الى هاشم بن عبد مناف جد الرسول.أما شعار غزة فهو " طائر العنقاء" الطير الذي ينهض من تحت الرماد.
وغزة هي ثاني أكبر مدينة فلسطينية بعد القدس ، تقع شمال قطاع غزة، في الجنوب الغربي لفلسطين على شاطئ البحر الأبيض المتوسط على مساحة تقدر ب 45 كم² ، يقدر عدد سكان قطاع غزة بـ 1,500,000 نسمة منهم 400,000 نسمة في مدينة غزة وحدها. ويوجد في قطاع غزة ثمانية مخيمات اللاجئين الفلسطنيين وهي: مخيم جباليا،مخيم الشاطئ،مخيم البريج،مخيم النصيرات،مخيم الشابورة ،مخيم دير البلح،مخيم خانيونس ،مخيم المغازي.
الأونروا:
تقدم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) المساعدة للاجئيين الفلسطنيين اللذين يعيشون في قطاع غزة. وهي وكالة إغاثة وتنمية بشرية تعنى بتوفير التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والمعونة الطارئة لحاولي أربعة ملايين لاجئ فلسطيني يعيشون في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا.
الأسلحة المحذورة دولياً
آراء:
رامي الحلبي:
مئات المباني المدّمرة يمكننا إعادة بناءها ولكن مئات الشهداء من أين لنا أن نعيد واحدٌ منهن.
- مارك عطية:
إنه إجرام،ما هو ذنب الأطفال في كل هذا!
- طارق بعلبكي:
إصمدوا،إبقوا أقوياء وشجعان لأنكم ستنتصرون في النهاية على الظلم.
- ريم عسكر:
في البداية لم يكن يسمح لي أهلي بمتابعة ما يجري حتى لا اشاهد اشلاء وجثث الأطفال وصور القصف والدمار. لكني كنت أصرّ على معرفة ماذا يجري في غزة، لأني أشعر أنني معنية بما يجري لأن معظم الذين يموتون هناك من سني. وأكثر شيء شاهدته وتأثرت به كانت فتاة أصيبت خلال الحرب وقطعت أطراف قدميها وتقول أنها تريد أن تصبح صحافيةً عندما تكبر، لتتحدث عن بلادها وتخبر عمّا شاهدت خلال هذه الحرب.
G.H

No comments:
Post a Comment